300
شاهدت هذا الفيلم منذ فترة ليست بالبعيدة و من حينها أردت أن أكتب عنه. الفيلم يحكي قصة 300 جندي إسبرطي – نسبة لإسبرطة – قرروا مواجهة جيوش بلاد فارس و التي تريد من إسبرطة أن تذعن لهم. الفيلم أعتبره من عينة الأفلام الهوليودية التي تريك بوضوح, و بكل صراحة أحيانا, مدى العلاقة الوثيقة بين هوليوود و صناع السياسية الأمريكية و خاصة البنتاجون.
تعالوا نتابع معا قصة الفيلم.
"ليونايدس" هو الملك الإسبرطي الذي يرفض الخضوع للفرس الدمويين, و الذين يريدون لبلاده أن تخضع لهم, فيقرر أن يحاربهم بعد أن يقتل رسلهم. لا أدري إن كان الأمريكيون يعلمون أن قتل رسل الدول – الذين هم كالسفراء اليوم – عملا خسيسا أم لا. و لكن لا يبدو أن الفيلم يعير انتباها لهذا.
و لكن "ليونايدس" الجبار يجد عقبة في أن يبدأ الحرب, تتمثل في مجلس حكماء إسبرطة - و الذين يبدون كقطاع الطرق في الفيلم - و الذين يجب أن يأتوه بموافقة الآلهة على هذه الحرب. و آلهتهم لا تتحدث لهم مباشرة بل عن طريق فتاة أو فتيات عذراوات بعد أن – لا مؤاخذة – يضاجعوها!
و في النهاية أعلن الحكماء أن الآلهة لا تبارك هذه الحرب. و لكن "ليونايدس" المغوار يقرر أن يخالف الآلهة و يخرج لمحاربة الفرس, متحايلا على القانون الذي يلزم الملك بأن يخضع لحكم الآلهة, و لهذا أخذ 300 جندي من رجاله للتدريب خارج إسبرطة بينما هو ينوي القتال.
و من الخلال الحرب و أحداث الفيلم, تتحفنا هوليوود بالمؤثرات البصرية الخارقة كالعادة و يتحفنا السيناريو بمواقف درامية و إنسانية تجعلك من بداية الفيلم إلى نهايته الحزينة بهزيمة ال 300 إسبرطي, تجعلك تتبنى موقفهم و ملكهم "ليونايدس".
و لكن لنتمعن الآن في إسقاطات – تشبيهات – الفيلم.
أليس الفرس يمثلون قوى الإرهاب التي تحاربها الولايات المتحدة اليوم؟ أليس "ليونايدس" الجبار هو – اسم النبي حارسه – جورج بوش الابن؟ أعلم أن تلك الإسقاطة الأخيرة تدعو للسخرية. أليس مجلس الحكماء الشهواني و النصاب أيضا هم الأصوات المنادية بخروج الجيش الأمريكي من العراق و أفغانستان؟ أليست الهزيمة في آخر الفيلم هي هزيمة أمريكا في العراق بعدم تحقيق أهدافها؟ طبعا لا يستطيع صناع الفيلم أن ينكروا الهزيمة في العراق و لكنهم يريدون تغيير وعي المشاهد الأمريكي من "هؤلاء الحمقى الذين ذهبوا إلى العراق و انهزموا" إلى أولئك الأبطال المغاوير قاتلوا بشجاعة و بسالة في العراق و لكنهم أدوا ما عليهم".
الفيلم أيضا يظهر ملك الفرس زنجيا و هذا خطأ فادح, فالفرس لم يكونوا زنوجا, و الزنوج هناك بالتأكيد كانوا عبيدا و ليسو ملوكا! و لكن يبدو أن صناع الفيلم أرادوا أن يضعوا الملونين في خانة الأشرار. أن يظهر زنجيا في فيلم في إحدى حواري نيويورك يبيع المخدرات و يسطو على محلات البقالة فهذا طبيعي حيث أن الإحصاءات الأمريكي تظهر أنه الزنوج فعلا تنتشر فيهم الجريمة. و لكن أن يأتي فيلم بالفرس و يظهرهم كدمويين و استعماريين و بغضاء ثم يضع عليهم ملكا زنجيا فهذه سقطة عنصرية تحتسب على الفيلم.
ربما يرى البعض أن هذا إغراق في التمعن و ربط بين الفيلم و الأحداث الجارية بما لا داعي له, و لكن أنظر إلى توقيت عرضه أيضا.